ما هو التقبُّل؟!
قالت إحدى الشابات لإيكارت تولي: أنا لا أحب فكرة التقبُّل والتسليم والرضا بالأمر الواقع.. فإذا كلنا رضينا بالأمر الواقع فإننا بعد ذلك لن نبذل أيَّ جهد لتحسين أوضاعنا وتطوير حياتنا الشخصية وتطوير العالم.. وإذا تقبَّلنا محدودية اللحظة الحالية كما هي ولم نسعَ لجعلها أفضل كُنَّا سنظل نعيش في الكهوف حتى الآن.. فكيف أوازن بين التقبُّل والرضا بالأمر الواقع وبين تحسين الحياة وإنجاز الأمور؟!
رَدَّ عليها إيكارت تولي قائلاً: التقبُّل لا يعني الاستسلام والخنوع والفشل في مواجهة تحديات الحياة.. والتقبُّل لا يعني أن نتوقَّف عن وضع الأهداف والخطط واتخاذ الإجراءات الإيجابية اللازمة.. التقبُّل ببساطة يعني أن نتقبَّل جوهر اللحظة الحالية من غير أيِّ شروط ومن غير أيِّ رفض داخلي.. التقبُّل هو مسألة داخلية خالصة.. وهو يعني أن نتوقف عن الرفض الداخلي والتذمُّر العقلي وإبداء المشاعر السلبية تجاه اللحظة الحالية.. يحدث الرفض الداخلي عندما لا تسير الأمور كما نريد!
التقبُّل لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي ونتوقف عن اتخاذ الفعل اللازم لتحسين الوضع.. في الحقيقة نحن لا نحتاج إلى تقبُّل الوضع برمته.. بل نحتاج فقط إلى تقبُّل جزء بسيط جداً من الوضع وهو اللحظة الحالية.. ونحتاج إلى أن تتقبَّل اللحظة من الداخل من غير إبداء أيِّ رفض أو تذمر عقلي أو مشاعر سلبية.. وبعد ذلك يمكننا أن نفعل ما في وسعنا لتحسين الوضع على المستوى الخارجي!
مثلاً إذا وجدتَ نفسك عالقاً في الوحل لن تقول حسناً سأترك نفسي عالقاً في الوحل ولن أفعل شيئاً.. هذا ليس تقبُّلاً!! ولا تحتاج أيضاً أن تخدع نفسك وتقول ليس هناك أيّ مشكلة في البقاء في الوحل.. أنتَ تدرك تماماً أنك تريد الخروج من هذا الوحل لكن أهم شيء هو أن تُركِّز انتباهك على اللحظة الحالية من غير أن تُطلِق عليها أيَّ صفة سلبية.. وبالتالي لن يكون هناك أي رفض أو مقاومة أو مشاعر سلبية داخلية تجاه اللحظة الحالية.. وبعد ذلك اتخذ الفعل اللازم للخروج من الوحل.. حينذاك سيكون الفعل الذي تتخذه فعلاً إيجابياً، سيكون نابعاً من حالة إيجابية، وهو أكثر فعالية وتأثيراً من الفعل السلبي الذي يكون نابعاً من الغضب واليأس والإحباط! هذا هو التقبُّل!